
ذات نهار وفي فناء مدرستنا الإبتدائية بحي الخرطوم( 2 ) العريق وبينما كنا نلعب ونلهو قررنا شراء آيس كريم بشعلة البسكويت من محل جوار مدرستنا وقبل أن نخرج فقدنا زميلتنا فاطمة وسألنا عنها وين فاطمة ... ماعاوزة أيس كريم ولا شنو !!. بحثنا عنها كثيراً فوجدناها منزوية في قاعة الدرس وهي تجلس على الكنبة الأخيرة ، زائغة النظرات خائفة مهمومة ... ذهبنا إليها وسألناها مابك ؟ فلم ترد بل غرقت في نوبة بكاء حادة .. باءت معها كل محاولاتنا بالفشل لإسكاتها. (فاطمة ) كانت تعاني من نزول دم حيض أو (الدورة الشهرية ) .. والتي جاءت مبكرة جداً عن العمر الطبيعي المفترض أن تأتي فيه ، المفاجأة وآلام الطمث كانتا تمزقان أحشاء فاطمة التي كانت تبكي الأمرين فهي لم تكن مستعدة نفسياً ولابدنياً للأمر كما أنها أحست بحرج كبير لأن ملابسها إتسخت بشئ من الدماء ولم تكن محتاطه بما يحفظ ملابسها نظيفة . كان زي المدرسة أبيض اللون والبقع الحمراء فيه ظاهرة للعيان كل ذلك جعل فاطمة تقبع في مكانها لاتغادره البتة حتى لايراها أحد. وإنتظرت طيلة ساعات اليوم حتى إنطلق جرس آخر حصة معلناً إنهاء اليوم الدراسي إستعارت بعدها (طرحة) من زميلة لنا وقامت بلفها حول جسمها حتى تحجب منظر الدماء فلا يضحك عليها أحد وتصبح مثاراً للسخرية وسط قريناتها . في تلك اللحظة جاء والدي ليصحبني إلى المنزل صعدت معه في السيارة ورأيت فاطمة من خلف الزجاج تخرج إلى الشارع وهي منهكة من البكاء والإعياء كانت تسير ببطء حتي لاتسقط الطرحة التي لفتها حول جسدها النحيل ، شعرت بالخجل لم أستطيع أن أقدم لها مساعدة أو أطلب من أبي أن يوصلها إلى المنزل. في اليوم التالي لم تحضر فاطمة إلى المدرسة وإستمر غيابها لأكثر من ثلاثة أيام عادت بعدها إلى قاعة الدرس ولكن بخاطر مكسور وصوت خافض وثقة متأرجحة . كثير من الفتيات يتفاجأن بعلامات البلوغ مثلما تتفاجأ ولاية الخرطوم بالخريف وتلفزيون السودان برمضان.... ورغم أن مسألة البلوغ أمر حتم --- أكثر