العديد من الأحداث السياسية والدولية أظهرت وجود عامل مهم في السلوك السياسي للأفراد، ألا وهو الدوافع، غير ان علماء النفس رأوا أن ذلك المعتقد في حاجة إلى مراجعة، مما أدى إلى ظهور علم النفس السياسي كتخصص دقيق يهتم بدراسة وتفسير السلوك السياسي باستخدام المبادئ والأساسيات النفسية، وليس كتخصص من التخصصات التقليدية في العلوم الإنسانية.. من الناحية العلمية يعرف مورتون دويتش ـ وهو دكتور في علم النفس بجامعة كولومبيا ـ علم النفس السياسي بأنه: دراسة تفاعل علم السياسة مع علم النفس، خاصة أثر علم النفس في السياسة او سلوك الأفراد السياسيين ,. إذا أخضعنا الحالة السياسية السودانية وتحديدا سلوك الحزب الحاكم لقراءة وفق هذه الرؤية التحليلية فأننا حتما سنستطيع تفسير سلوك الحزب الحاكم السلوك السياسي والاقتصادي والأمني والمعنوي من هذا المنظور. عندما يتحدث الحزب الحاكم على سبيل المثال أن هناك انتخابات ديمقراطية وان هناك أحزاب متنافسة تفوق المئة حزب يتنافسون وهي حالة موجودة فقط في وسائل الاعلام الحكومية ولا تحسها او تجدها في الشارع وبين الناس ،فهذا يعني أن هناك حزب حاكم يعاني من انفصام سياسي بين الشكل الذي يوهم به الناس وبين المضمون الناقض لكل ما يحمله الشكل من شعارات كلامية . بمعنى اخر تناقض الشعارات المرفوعة كالديمقراطية والحرية وحكم القانون والشفافية مع السلوك القمعي والسلطة القابضة النافية للرأي الآخر والفساد او أن يعلو القانون المقيد للحريات المطبق في الواقع على نصوص الدستور المعلقة في الهواء او المعدلة على هوى النظام الحاكم. مثال سلوكي آخر ان يتهم الحزب الحاكم على لسان قادته معارضيه بالخيانة العظمى ويقلل من شأنهم او شعبيتهم ويقدمهم للمحاكمات الصورية بتهم التفاوض مع اميركا وإسرائيل والحركات المسلحة وتقويض النظام الدستوري وهو نفس الحزب الذي يفاوض اميركا لكسب ودها ويفاوض الحركات المسلحة وهو مولود غير شرعي لانقلاب قوض النظام الدستوري الذي كان قائما --- أكثر
↧