
العنوان أعلاه من الأمثال الدارفورية الخاصة بمجالس الجوديات التي تنعقد للصلح بين خصمين، شخصين كانا أو قبيلتين، والمثل في عمومه يدعو للتهدئة والتروي وعدم الانجرار وراء كل صيحة تؤلب على القتال، ومعروف ما للأمثال التي برع أهلنا الدارفوريون على إطلاقها من تأثير على حياتهم اليومية بل ومعاملاتهم كافة، وكثيراً ما انتهت مناقشات حامية بمثل كان بمثابة روشتة علاج ناجعة، نستدعي هذا المثل اليوم ليس لتذكير أهلنا المتقاتلين في قبيلتي الرزيقات والمعاليا فقط، بل كل قبائلنا في الغرب الكبير التي ظلت تتقاتل لعشرات السنين، ما أن ينتهي قتال بين قبيلتين أو حتى بطنين من قبيلة واحدة، إلا ويندلع قتال آخر بين قبيلتين أخريين، ثم لا تمر سوى هنيهة زمان حتى يتجدد الصراع بين تينك القبيلتين اللتين تهادنتا، وهكذا تستمر المطحنة والمحرقة بلا انقطاع ، فإلى متى يا إلهي يستمر الأهل هناك يقاتلون بعضهم بعضاً ويلغون في دماء بعضهم بعضاً، وتروح جراء هذا العبث آلاف الأنفس العزيزة هدراً ولأتفه الأسباب، ألا يوجد بينهم أهل حكمة ورشاد، أم تراهم جميعاً مثل آل غزية إذا غوت قبيلتهم غووا كلهم بمن فيهم بعض أبناء تلك القبائل من المتعلمين والمثقفين والسياسيين، ألا يستحون ويخجلون من حالهم هذا حين يتأملون حال قبائل السودان الأخرى في الشمال والشرق والوسط، التي لم يحدث قط إن احتربت فيما بينها، فلماذا هم وحدهم من بين قبائل السودان الأخرى من يخوضون تلك الحروب المهلكة، ما هي هذه الاختلافات الخطيرة جداً والعصية على أي حل التي تبيح لهم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، هذا والله حال تعيس وبئيس لا مبرر له على الإطلاق .. صحيح يمكن أن تقع اختلافات ويمكن أن تتقاطع مصالح ويمكن أن تحدث مظالم، ولكن كل هذا لا يبرر وقوع تلك الحروب الدامية مهما كان حجم الاختلاف والمظالم، فمثلها وربما أسوأ وأخطر منها يمكن أن يقع بين قبائل أخرى وفي مناطق أخرى من السودان، ولكنهم لا يخوضون من أجلها الحروب المميتة وإنما يستع --- أكثر