في مطار"جاكارتا" كانت "تورميني" تقف وسط مجموعة من رفيقاتها اللاتي أسعدهن الحظ وتم اختيارهن للعمل كخادمات في إحدى دول الخليج. يتجه المندوب الموكل من قِبَل مكتب التخديم الى قاعة المطار تتبعه الخادمات وأسرهن .. في طريقهم الى مكتب الجوازات،"تورميني" تلقي نظرة أخيرة على أطفالها الأربعة. تستقر عيناها الدامعتان على وليدها الذي تتركه تحت رعاية والدتها. بدا "محمد" الذي لم يتجاوز عمره الشهر السابع مستمتعاً بمص إبهام يده اليمنى غير عابئ بكميات اللعاب المتوالية التي تسيل من فمه فتبلل قميصه. زوجها عاطل عن العمل وليس أمامها سوى ذلك الطريق المليء بالأشواك لإطعام الأفواه. وخزات على ثدييها تؤذن بتدفق الحليب من مسامات حلمتيهما. تبتلع غُصَّةً تنهمر على إثرها دموعها مشبعةً بالملوحة.. والمرارة.. والتعاسة. داخل الطائرة، المضيفة تضع أمامها صينية وجبة الغداء..تمتد يدها نحو الطعام..يقفز وجه "محمد" من بين الأطباق وقهقهاته العالية ترن أصداؤها في أذنيها..تتراجع يدها..تموت شهيتها..تعاود البكاء .. بعد التوقيع على كافة الأوراق الثبوتية تغادر "تورميني" مكتب المسؤول عن التخديم بصحبة "مختار" زوج "نوال". "نوال" تجلس على كرسي في غرفة الجلوس في انتظار"تورميني".زوجها تأخر..يعْتَوِرُها القلق والتوتر..تنطلق من صدرها تنهيدة حارة..((يا رب تطلع بت حلال تريحني وتراعي لي"مازن" بضمير)). "نوال" تعمل مدرسة، أما زوجها "مختار" فيعمل في إحدى الدوائر الحكومية. وأخيراً جاءت.. "تورميني" ..فتاة نحيلة الجسم صغيرة القد ترتدي حجاباً باهت اللون حرصت على ربطه بإحكام حول وجهها المستدير. استقبلت"نوال" القادمة استقبال من يعقد الآمال على حسن الاختيار، ثم قادتها الى الغرفة المُعدّة لها. بجوار الغرفة حمام صغير مُعلَّق على مشجب حائطه "بشكير" جديد. يعلو حوض غسيل اليدين رف زجاجي وُضِعَت على سطحه صابونة حمام مع معجون وفرشاة أسنان. لم تنس "نوال" أن تؤكِّد على "تورميني" بضرورة --- أكثر
↧