
(نقل الناعي رحيل الدكتور القانوني أكولدا ماتير عن دنيانا في يوغندا. وهذه كلمة كتبتها في 2000 في مناسبة تقلد الدكتور أكولدا ماتير عمادة كلية قانون جامعة الخرطوم. رحم الله زميلنا السمح الزين العالم الباسم الصبور الذي خبا وأمته الوليدة أحوج ما تكون إلى مثل دماثته وتجرده وحسه الثاقب بالعدل. أسكنه الرب فسيح الجنان لخدمته الخالصة للوطن) تستحق جامعة الخرطوم، قبل الدكتور أكولدا ماتير، التهنئة على تعيينه عميداً لكلية القانون التي ظل يُدرِّس فيها منذ حصوله على الدكتوراة من جامعة كمبردج في 1975.. فبهذه الترقية رد الله الجامعة إلى الرشد وأقال عثرتها من شِـبْكَة موانعها العرقية والثقافية . فقد حالت هذه الموانع دون أن يتبوأ ماتير مركز القيادة في الكلية لربع قرن من الزمان في حين بلغها وفاتها إلى الذرى من هم دونه سناً وعلماً من الشماليين. ولم تكن ملكات ماتير الأكاديمية والإدارية ، التي كانت ستزكيه للعمادة ، بخافية على الجامعة . فلربما كان ماتير هو الوحيد المتبقي من علماء القانون في السودان الذي ما يزال ينشر في المجلة القانونية الأفريقية المٌحكمة العصية . وقد أصبح حجة في مسألة القانون والدستور والدين في السودان . وتمتع بالزمالات الدراسية من كل حدب وصوب. لم تستفز ماتير هذه الصغائر بحقه . ظل كهل رمبيك ، الدينكاوي الرشيق "مالي مركزو" أمام طلابه في المدرج ، وأنداده في محافل العلم ، وحيث اختارت له الجامعة أو غير الجامعة أن يعمل . لم يُزِغ الظلمُ ببصره أو بصيرته أو تُعقِّده المرارات والشكوى كما فعلت بمن هم دونه مظلمة وكفاءة فاستسلموا لعرض الحال ، والسخط الكسول . لقد صبر وصابر طويلاً . تلقى هذا العقوق بأناة وانضباط وحدة ذكاء وفرط كفاءة ووفرة إنتاج علمي وسداد تدريس حتى أنفد الجامعة من حيلها ومعاذيرها وجرجرة أقدامها فقلدته العمادة .. أخيرًاً. وبدا لي من أسلوب ماتير أنه "فابي" . فلو لم تخني الذاكرة ففابي قائد روماني بنى خطته الأساسية على تفادي مقابلة العد --- أكثر