Quantcast
Channel: صحيفة الراكوبة | المقالات
Viewing all articles
Browse latest Browse all 33679

شارع النيل..!!

$
0
0
عبد الباقى الظافر

كانت طاولة الطعام الصغيرة تفصل بين عالمين كانا من قبل عالماً واحداً .. سارة كانت تسرح مع الخيال فيما تتحرك يدها بشكل غير إرادي حول كوب عصير ليمون.. تريد أن تفاتح والدها في أمر مهم.. الحياء وربما التردد يحولان دون ذلك.. كيف يمكن أن تخبره بحكايتها مع صلاح الذي تسلّل إلى عالمها قبل ثلاثة أشهر.. الطاهر كان ينظر إلى بعيد.. عادت به الذكريات إلى خمسة وعشرين عاماً خلون.. أيام الشباب في شمبات.. كان يعشق تلك الصبية بلا حدود.. في تلك الأيام كان الحب ينتهي إلى بيت الزوجية، ولكنه سافر إلى مصر من أجل الدراسة.. حينما أعاد النظر ووجد ابنته سارة تلوذ بالصمت حاسب نفسه على التفكير في الماضي .. يكفي المرحومة عفاف أن منحته متعة الحياة.. لم يكن يتخيل كيف لحياته أن تكون من غير هذه الطفلة التي دخلت عامها الرابع والعشرين.. حاول أكثر من مرة أن يصارحها أن في حياته أنثى أخرى، ولكنه لم يستطع. مضى الطاهر إلى غرفته وأغلق الباب على غير العادة.. في ذاك النهار الذي مضت عليه سنوات طويلة أصر على زوجته عفاف أن يعودوا إلى منزلهم بشمبات.. أخبرته أن موعد بنطون توتي لم يحن بعد.. اقترحت عليه أن يذهب وحيداً وستعود وصغيرتها في الصباح الباكر.. لم تجد عفاف أمام إصرار الزوج ونصيحة والدها غير أن تسير خلفه إلى شارع النيل.. وجدوا في الشاطيء عدداً من الناس في انتظار المعدية.. بذات الاستعجال قرر ان يستغل ذاك القارب الصغير.. ترددت عفاف فيما سارعت الطفلة ذات الأعوام الثلاث إلى حضن والدها.. ذرف الدمع على خده الذي قاوم ببسالة تقادم سنوات العمر.. لحظات عصيبة حينما يزحف نحوك الموت وليس لك غير أن تنتظره.. الريس يحاول أن يرتق الفتق..الماء يغزو القارب الصغير.. عفاف ذات الثلاثين ربيعاً أدركت دنو الأجل.. قالت وصيتها الأخيرة للسباح الماهر عليك بسارة لا تدخل عليها سيدة.. هرب الرواسي من الماء الى جوف الماء.. تفرق شمل الأسرة في النيل الأزرق.. بذل الطاهر جهداً كبيراً ووصل الشاطئ بصحبة صغيرته فقط --- أكثر


Viewing all articles
Browse latest Browse all 33679

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>