إنها أزمة السودان وليست أزمة الخليج نشبت الأسبوع الماضي أزمة عميقة وغير مسبوقة بين دولة قطر من جانب وعدد من دول الخليج بقيادة السعودية والإمارات ومعهم مصر من جانب آخر, وقد أدت تلك الأزمة لقطع العلاقات الدبلوماسية بالإضافة لإتخاذ العديد من الإجراءات (العقوبات) السياسية والتجارية ضد الدوحة من قبل جيرانها في الخليج العربي. وما تزال الأزمة مستمرة ومتصاعدة رغم الوساطات التي بذلتها دولة الكويت, ومن الجلي أنَّ هذا النزاع الذي جاء في أعقاب زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض, لم يكن وليد اللحظة الراهنة بل هو نتاجٌ لصراع ممتد حول النفوذ في المنطقة, ولا شك أنَّ تداعياته لن تقتصر على دول الإقليم فحسب بل ستمتد إلى مختلف أنحاء العالم, بحكم ما تمثله المنطقة من أهمية "جيوسياسية" وما تحتويه من مصادر للطاقة. في هذا الإطار يبدو مشروعاً أن تأخذ الأزمة الخليجية حيِّزاً مُقدَّراً في أجندة العديد من الدول والحكومات خشية الآثار السلبية التي يمكن أن تتعرض لها من جرَّاء التطورات المتسارعة في المنطقة التي تمثل "سُرَّة" العالم ومورده الرئيس للطاقة. لا أود مُناقشة أبعاد المشكلة, ولكنني سأسعى للنظر للقضية من جوانب أخرى متعلقة ببلدنا – السودان, لم ينتبه لها كثيرٌ من الذين تناولوا هذه الأزمة, فقد لاحظت أنَّ هناك موجة من "الهستيريا" أصابت دولتنا و مُجتمعنا بمختلف قطاعاته, حكومة ومعارضة وأحزاب, أجهزة إعلام ومجموعات حوار "الواتساب" ووسائل التواصل الإجتماعي الأخرى, جلسات "الونسة" والمناسبات الإجتماعية, كلها تتحدث "بهلع" عما يُمكن أن يُصيب بلدنا, وتتبادل "الحسابات" حول المعسكر الذي يجب أن تنحاز إليه الحكومة حتى "تكسب" ! هذه الحالة من "الخوف العارم" لا تعكسُ إهتماماً "طبيعياً" بأزمة أصابت الإقليم الذي تربطنا به "بعض المصالح" في الأحوال الإعتيادية, وإنما هى تعبيرٌ عن أزمةٍ نفسيةٍ ووجودية أعمق أصابت دولتنا, هى أزمة "الوهن" الشديد و"الهوان" الذي ضر --- أكثر
↧