دعوني أعرفكم بنفسي ... أنا جرادة .. بالتحديد ذكر جراد ، وعملي هو إنني قائد سرب مكون من مليون جرادة وظيفتنا الوحيدة في الحياة هي أن نأكل لنعيش ونعيش لنأكل ... البشر يكرهوننا بشدة لأنهم – غفر الله لهم – يظنونا نفسد زراعتهم وننافسهم في أرزاقهم ... نحن لا نفسد .. نحن مثلهم بالضبط نجتهد لكي نعيش .. هم يقطعون الأشجار ويذبحون الحيوانات لينعموا بالثمار واللحوم والألبان ولم تشتك منهم الحيوانات ولا الأشجار ، بينما يملئون الأرض ضجيجا حينما يأتي الجراد لينال رزقه .. إنه الغرور يا سادة .. تبدأ قصتنا حين أوصى جدي أبي وقال له : - أنت حتكون القائد بعدي .. أوعك تخلي سربك يجوع ، أعمل أي حاجة لكن ما تخليهم يجوعو .. لفو الدنيا دي كلها ولو فترتو أمشو السلة حتلقو الأكل هناك - سلة شنو ؟ - سلة غذاء العالم يا ولدي .. دي بلد كبير وعريض خيرو راقد أجدادنا كانوا بمشو ليهو ليهم ألاف السنين ونفذ أبي الوصية .. ظل يرعى سربه سنوات بعدل ونزاهة ... هناك أسراب أخرى تحاربنا وتنافسنا ولكنه رغم الحروب لم ينس إن توفير الطعام لسربه هو الأولوية الأولى .. وحين مات قبل سنوات بعيدة أوصاني بدوري ، فأستلمت القيادة ولكن الزمن كان قد تغير ... في أول عام لي قبل خمسة وعشرون سنة قررت أن أزور مع سربي سلة غذاء العالم .. طرنا لمسافات طويلة وعبرنا الصحارى والبحار حتى وصلنا .. كانت أرضا كالجنان .. واسعة ومنبسطة ويشقها نهر عظيم لم نر له مثيل في العالم .. كانت خضراء ومليئة بالزروع ، وفنانيها يغنون إنه ( حتى الطير بجيها جيعان ) ... ونزلنا هناك وأكلنا قبل أن يطاردوننا بالمبيدات القاتلة فهربنا ولم نعد من ذلك الزمن .. واليوم أعود مع سربي بعد ربع قرن لأن الجوع قد أنهك المناطق الأخرى فقررت المجازفة والعودة لسلة الغذاء ... طرنا عاليا في السماء .. ومن فوق كنا نرى النهر الكبير ولكن كل ما حوله كان صحراء .. أين الخضرة والزروع ؟ أين المشاريع ؟ إتصلت على الأسراب الأخرى وسألتهم : - يا جماعة في س --- أكثر
↧