
أيا كانت قوة الصوت التي يتحدث بها من يدعي انه يتبع الحق ويدعو له ، فان المسامع التي تصغي بوعي ستدرك مدى صدق ذلك الصوت من نفاقه ! ومهما خدعت تلك القلوب وطربت لنبرة صاحبه وشعره المغموس في الأماني العذبة التي تتراقص حيال العيون التائقة للتغيير ، فلابد لجسر الخشب الفاسد أن تتكشف حقيقته من ضربة أول مسمار التجربة العملية عليه قبل أن تطأه الأقدام المقدمة نحو الضفة الأخرى من الواقع الجديد ! الان الأخوان المسلمون الذين اختطفوا شعلة الثورات في اكثر من مكان عن أيادي الثوار المجهدة ، وانطلقوا بها نحو خطة التمكين ركوبا بالمقلوب على حصان الديمقراطية الذي اسرجوه على عجل ، لا أعتقد أنهم في وضع قد يحسدون عليه ! فهم في تونس يبحثون عن مخارج من سور الكذبة الكبيرة الذي ضربوه حول أنفسهم فانحسبوا عاجزين عن تسلقه لبلوغ الأهداف البعيدة المدى ولو بغزل خفي يكسبهم السلفيين المتشددين والليبرالين المنفتحين بغمزة عين واحدة ، فأكتشوا أن لعبة الديمقراطية تحدد لهم بداية السباق مثلما تضع على أرض التنافس خطا للنهاية ! فباتوا يقدمون التنازلات حينما اكتشفوا أن الحصول على الاغلبية ليس تفويضا دائما ، وانما تتهتك أشرعته عند أول هبوب لرياح الفشل أو سوء النوايا ، والا لما سقطت الحكومات في ايطاليا واليابان كل خمسة أشهر لمجرد أنها اخفقت في تمرير بند واحد من الميزانية أو ادين أحد وزرائها بالتقصير أو الفساد ! ومصر العزيزة كانت لهم بمثابة أكبر جواد خاسر ، حينما فهموا أن الفوز يعني الهيمنة للحزب والجماعة وفرد أجنحة المرشد على سماء المشهد السياسى ، فقفز لهم الشارع ( عظمة ) في حلق الاحلام الواسعة ، فلا هم ابتلعوها وشبعوا وتنحوا، ولا تقيأوها فارتاحوا من الخنقة ! من أراد الديمقراطية قناعة لا نفاقا ، فعليه ان يجيد لعبتها ويحتمل قسوة أحكامها المرحلية دون التفكير في اتخاذها مطي --- أكثر