
ارحموها من هذا الحب القاتل..! منى أبو زيد «كل مرض معروف السبب موجود الشفاء».. أبو قراط! أعرف سيدة نجت - بفضل الله - من مرض سرطان الثدي، حدثتني عن لحظة اكتشاف إصابتها بالمرض وما أعقبها من مطبات نفسية قائلة: (في البداية شعرت بأنني أعيش كابوساً سأفيق منه بعد قليل، توتر وقلق نهاراً، وأرق دائم ليلاً.. كنت أستيقظ فزعة من نومي وأنا أقول لنفسي إن هذا لا يمكن أن يكون حقيقة.. ولكن أسوأ ما في الأمر كانت معاناتي مع شفقة الأخريات)..! أما مرحلة العلاج فتقول إنها كانت صعبة رغم توافر العقاقير التي تخفف حدة الأعراض الناتجة عن العلاج الكيميائي - والسبب هو غابات التأبين وأنهار الحداد التي كانت تسكن عيون الزائرات - لكنها رغم كل شئ لم تسمح لبكائيات القريبات ونواح الصديقات بأن تهزم رغبتها في الشفاء.. والأهم أنها لم تختبئ من الناس ولم تُخفِ حقيقة مرضها كما يقتضي العرف الاجتماعي السائد في مثل هذا المقام.. بل كانت تحرص على جمال مظهرها وتضع الحجاب بألوان زاهية حتى تنسى فقدان شعرها بعد جلسات العلاج.. لأنها لم تكن ترغب في رؤية الشفقة في عيون الناس لأنها أصعب من أحزان المرض..! في ثقافتنا السودانية - للأسف - قناعة سائدة بأن الموت هو النتيجة الراجحة للإصابة بالسرطان عموماً، وبسرطان الثدي على وجه الخصوص، وهي قناعة لها ما يبررها في تاريخ مريضاتنا السريري الحافل بالنهايات غير السعيدة.. ولكن هل سألنا أنفسنا يوماً لماذا؟!.. لماذا تجاوزت الأخريات في العالم الأول مرحلة ربط سرطان الثدي بالموت المؤجل بينما لا تزال كل مريضة بهذا الداء عندنا تلمح أكفاناً وقبوراً مفتوحة في عيون الصديقات والقريبات قبل البعيدات من بنات جنسها..؟! بعض المريضات لا يستطعن اتخاذ قرار بالعلاج الكيميائي إلا بعد مشورة الأقربين، وهو قرار يحتاج دعماً نفسياً مستمراً لمواجهة الأعراض الجانبية، لذا لابد من توعية المجتمع قبل المريضات في هذا الشأن.. فالحالة النفسية لمريضة سرطان الثدي من أهم مقومات ش --- أكثر