لأول مرة احس بالحزن علي الرئيس عمر البشير و هو يلقي خطابه الذي انتظرته الامة بأسرها أياماً و ليالي. حزنت لأن الرئيس كان ضائعاً و متوتراً و مرتبكاً و كان يقرأ نصاً لا يليق أن يقرأه رئيس جمهورية لديه محررين و لغويين و مستشار صحفي و ربما لديه كاتب يعطي الأفكار فيصيغ الخطابات. خطابات الرؤساء لشعوبهم يجب أن لا تشوبها شائبة من ناحية الموضوعية و المعقولية و سلامة الالفاظ و التراكيب. الرئيس حبس أنفاس الأمة أياماً و ليالي علي وعد أنه خارج اليهم من خلوة امتدت لشهور و اعتكاف صارم كانت خلاصتها حسب وعده للشعب ، وثيقة إصلاح شامل و حل لا يأتيه الباطل من خلفه و لا من بين يديه. الله يعلم كم كنت متوتراً و أنا أري كاميرات البث و الحضور و الصحفيين و الدبلوماسيين الأجانب و رفقاء الخيبة و الضلال من ترابي و صادق و بقيه القطط و الفئران من وزراء الانقاذ قد أخذوا أماكنهم في مقدمة الحاضرين. حزنت، لأن ما يطلق عليه جزافاً رئيس بلدي قدم نفسه للعالم أسوأ تقديم. قطعاً أن الرسائل الدبلوماسية التي سيرسلها السفراء الي دولهم لن تخلو من أن الرئيس السوداني فقد كل أهلية يتمتع بها لإدارة الدولة و لا أستبعد أن يعطل هذا الأداء المخجل من قبل الرئيس العديد من المشاريع و الاتفاقيات التي ربما يكون العالم يفكر فيها مع بلد مثل السودان. أن يظهر رئيس الدولة مرتبكاً و أن يعجز عن قراءة مشروع كان من المؤمل فيه أن يكون مشروع مارشال جديد لإعادة بناء الوطن و استعادته من الجب الذي سقط فيه لهو أمر جلل و لو كانت هناك دولة تحترم نفسها لفتحت فيه تحقيقاً عاماً public inquiry و لحاسبت كل الضالعين في صنع هذه الجريمة التي لا تغتفر في حق الوطن و هيبته. موضوع الخطاب كان كارثياً. لقد انتظرت أمة انهكها الجوع و المرض و التخلف و تمزق نسيجها الاجتماعي و انهارت اجهزة دولتها انهياراً تاماً و نخر الفساد في عظامها فطال الرئيس و عائلته الي أصغر عضو في المؤتمر الوطني و فتنت العامة فتنة لن ينجوا منها الا م --- أكثر
↧