
ردود أفعال كثيرة ومتباينة وصلتني عقب مقال أمس بعنوان (ما بعد الطلاق). أغلب الاتصالات كانت من قراء أصحاب تجارب، منهم من عاش التجربة مع آخرين ومنهم من كانت التجربة خاصة به هو. وحقيقة لم أستغرب الزخم الذي صاحب موضوع المقال، ذلك أنه أمر منتشر وبكثرة ويمس الكثير من الأسر في السودان كما أن الأرقام لا تكذب ولا تتجمل. فإذا علمنا أن ظاهرة الطلاق وأقول ظاهرة لانتشارها الواسع في جميع أنحاء العالم؛ إذا علمنا أن الطلاق يحدث بمعدل خمس حالات في الدقيقة فهذا يعطي مؤشرا لكتلة البراكين التي تختبئ تحت قشرة الحياة الزوجية . وإذا نظرنا إلى دولة مثل أمريكا فإن حدوث الطلاق يؤثر في 1500 مليون ونصف طفل أمريكي كل عام. أما في بريطانيا فإن نصف أطفالها يعانون من تبعات الطلاق، وفي السعودية تحدث 22 حالة طلاق يومياً بنسبة ارتفاع 20% إلى 30%، أما في مصر فهناك 290 ألف حالة طلاق سنوياً بمعدل 700 حالة في اليوم وذلك حسب موقع الشرق الأوسط . أما نحن في السودان وحسب آخر إحصائيات السلطة القضائية التي توضح قضايا الأحوال الشخصية للعام 2008، فإن عدد حالات الطلاق بلغ 57.870 ألف حالة طلاق نسبة كبيرة منها لفتيات أقل من عشرين عاما ولديهن أطفال. بمعنى أن حدوث الطلاق في كثير من الزيجات هو أمر حتمي وقد سبق وناقشت الأسباب والدوافع والظروف المحيطة، ولكن ما نحن معنيون به هنا آثار ما بعد الطلاق والمواضيع ذات الصلة وهي الأطفال وعلاقتهم تحديدا مع الأب وهي مواضيع لا تنتهي بالطلاق بل تبدأ بعده، وتظل مثل الحبل السري لا يفارق صاحبه جنينا أو طفلا أو شابا ، وكما أن الحبل السري يؤدي مهمة في فترة الحمل وبعد الولادة و تتحول هذه المهمة وتنتقل في شكل (سرة) لتشكل أثرا واضحا لدى كل شخص وتذكره بأنه وإن أصبح قادرا على الأكل والشرب، فهذا لا ينفي البتة أن هناك حبلا سريا كان يغذيه، كذلك الأطفال وإن خرجوا من بيت والدهم وكنفه ورعايته، إلا أن الأب يظل مثل (السرة) إثره باق في حياة أبنائه إلى الأبد --- أكثر