
كعهدها السابق أصدرت بالأمس هيئة علماء السودان فتوى جوّزت فيها شراء الأضحية عن طريق الاستدانة أو بالأقساط.. غير أننا افتقدنا هذه المرة بيان هيئة شؤون الأنصار المضاد الذي سبق أن أصدرته لا تصد فيه عن السبيل الذي سلكته هيئة العلماء فحسب، بل وتحذر من عواقبه بما يمكن أن يجلبه على الفقراء وذوي الدخل المحدود من رهق سداد الدين أو الأقساط، وربما صاروا بسبب ذلك من الغارمين الذين يستحقون الزكاة، وكانت هيئة شؤون الأنصار طمأنت غير القادرين على شراء الأضحية من حر مالهم و(كاش داون) بأن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قد ضحى عنهم بكبش أقرن أملح، وبذلك أصبحت لدينا يافطتان يقف بينهما الفقراء ومحدودو الدخل، يافطة هيئة العلماء، وهي هيئة محسوبة على الحكومة والحزب الحاكم، وإن اجتهدت في نفي هذه الصلة القائمة التي تثبتها شواهد ومشاهد عديدة، ويافطة هيئة الأنصار التي لا سبيل لنفي صلتها العضوية والتاريخية بحزب الأمة، ولا أدلّ على هذه الصلة من القاعدة الذهبية الأنصارية التي تواترت عبر العقود (كل أنصاري بالضرورة حزب أمة ولكن ليس من الضروري أن يكون كل حزب أمة أنصارياً)، هذا الاختلاف بين الهيئتين ذكرني بطرفة الشيخ الداعية عبد الحميد كشك رحمه الله التي جرت على ألسنة بعض الوعاظ باعتبارها من الأحاديث النبوية الصحيحة، قيل إن الشيخ كشك قال في ثنايا خطبة له إن النبي صلى الله عليه وسلم سأل سيدنا بلال بعد انقضاء أيام عيد من أعياد الأضحى، بما ضحيت يا بلال، قال بلال بـ(ديك)، فقال له النبي ممازحاً (مؤذن ضحى بمؤذن). ربما كان في هذا الاختلاف رحمة وتوسعة على الضعفاء والفقراء، هذا طبعاً إن جاز أن في الاختلاف في مثل هذه المسألة رحمة، فعندها سيكون الخيار للفقير والمعدم، إن شاء تبع فتوى هيئة العلماء وإن شاء انصاع عن قناعة لتحذيرات هيئة الأنصار ولا تثريب عليه في أي خيار يختار، غير أن الذي لم تفطن إليه هيئة العلماء وهي تصوغ كلماتها التي جوّزت شراء الأضحية عن طريق الاستدانة أو با --- أكثر