حسبما ورد في ثنايا الحلقات السابقة، فإن الأحزاب السودانية تعاني من علل مزمنة، من حيث الفكر والهياكل والممارسة والبرامج والقيادة والأهداف. وفي هذا الجانب يقول الدكتور بدر الدين رحمة محمد علي: (لم تستطع التجارب الحزبية في السودان أن تحقق الهدف من قيام التعددية في المجتمع وهو تداول السلطة سلمياً من خلال انتخابات عامة أو داخل الأحزاب؛ لذلك عرفت الحياة الحزبية في السودان مزيداً من الانقسامات التي لم تسلم منها حتى الأحزاب العقائدية التي انتظمت في صفوفها النخبة السياسية، وهذه الانقسامات أثارت الكثير من القضايا والتساؤلات ولازمها كثير من أوجه القصور والسلبيات). ولولا الانقسامات، التي صارت صفة ملازمة للأحزاب السودانية، لما وجد في البلاد أكثر من مائة وعشرين حزباً صغيراً تجلس الآن حول طاولة المفاوضات فيما يعرف بالحوار الوطني من أجل إيجاد مخرج من أزمات الحكم المتراكمة، سواء فيما يتعلق بشكل الحكم أو الهوية أو الاقتصاد والعلاقات الخارجية والحريات الأساسية التي يجب أن تكون مكفولة بموجب الدستور. وقد ورد في البيان الختامي لمؤتمر الإصلاح السياسي في السودان: (إن الأحزاب السياسية السودانية باعتبارها حلقة وصل بين الشعب والنظام السياسي تضائل دورها الفاعل، وأفضت التجربة إلى تشظي الأحزاب وانشطارها في سبيل التمسك بالسلطة، بينما قادت الممارسات السياسية الحزبية غير الرشيدة إلى تمزيق المجتمع السوداني وهتك نسيجه الاجتماعي). وهذه لعمري كارثة سياسية؛ لأن الأحزاب يفترض أن ترتقي بالمجتمع وتنهض به عبر رؤى سياسية وممارسات مدروسة وهادفة! ويعود هذا الضعف والتردي في أداء الأحزاب السودانية لافتقارها للفكر سواء منها الاحزاب التقليدية أو العقائدية أو الجهوية، فكلها عجزت عن استنباط فكر سياسي ورؤى قابلة للتنفيذ نابعة من تطلعات الشعب السوداني، تلبي حاجاته السياسية والتنموية والخدمية والاجتماعية على وجه الخصوص. ومن جانب آخر ظل قادة الأحزاب يسيطرون على المراكز القيادية دون ا --- أكثر
↧