
إن اكثر البلايا شراً هي الاكثر اضحاكاً للناس، فمن يعيش طويلاً يرى كثيراً من عجائب الخلق، نظام البشير لم يجد طريقة من طرائق اذلال و احتقار الشعب السوداني، الا و اتخذها سبيلاً لاستهداف المواطن في معاشه وامنه و استقراره، شهدنا تدافع الناس وتزاحمهم في بوابات البنوك وشبابيك اجهزة الصرف الآلي للنقود، و تراصهم في طوابير وصفوف مهينة و حاطة من انسانيتهم، بذلك القدر الذي يطرح تساؤلاً واستفهاماً ملحاً، وهو: اين ذهبت شخصية الانسان السوداني ؟، تلك الشخصية ذات الملامح المعبرة عن العزة و الشهامة و النخوة ونجدة المظلوم، التي رسمت في عقولنا الواعية والباطنة وترددت على اسماعنا وطافت بابصارنا منذ نعومة الاظفار، هل ضاعت كل تلك الاهازيج القومية والملاحم الوطنية، التي رسخ لها الاعلام و مؤسسات التعليم في وجدان كل الاجيال المتعاقبة، هذه الاهازيج التي من امثلتها : (دخلوها وصقيرها حام) و(فرتاق للصفوف في اقل من لمحة)، فعندما يساوم المرأ في ماله و تزايد عليه الحكومة في مرتبه الشهري، وتحدد له سقف كمي لسحب مدخراته من العملة البيضاء، التي ظل يحتفظ بها في حسابه البنكي خصيصاً للايام السوداء التي تمر به الآن، حينها تكون هذه هي آخر مرحلة من مراحل الاذلال و الاحتقار الذي يمكن ان يمارس عليه، من قبل مثل هكذا نظام سياسي يحكمه ويسيطر عليه ويحبس انفاسه، ان اغلى وانفس شيئين للانسان هما المال و النفس، وفي احايين كثيرة يقدم المال على الانفس كاولوية، لانه الداعم لحيوات هذه الانفس وتلك الارواح، كدعمه الاطفال الذين هم في حاجة ملحة الى الحليب و الطعام، والشيوخ والكهول الذين ينتظرون ذويهم ليعودوا اليهم بالادوية المنقذة للحياة، من شاكلة ادوية القلب و المخ و الاعصاب و الكلي، فلا اظن ان هناك تنازلاً يمكن ان يقدمه الشخص اكثر من تنازله عن ماله وعرضه، فهذه الحال التي وصل اليها الناس من الاهانة والابتذال في هذه الايام العصيبة، وعدم احترام وتقدير الذات، والتساهل والتفريط في حقهم في التص --- أكثر