تتفاوت حظوظ الناس فى الدنيا كتفاوت اشكالهم وألوانهم وقدراتهم ،فالبشر يولدون متساوون فى الخلقة ،ولكن مستقبل ايامهم فى هذه الدنيا رهين بما تفرضه عليهم البيئة السائدة فى محيطهم صن تحضر أو بدآوة أو تعليم وتربية ومعتقدات واحسب أن التعليم هو العامل الأهم فى تشكيل الفرد ، وفى ازدياد فرص العمل فى المهن والأعمال ذات العائد المادى الأعلى ، ويسبق ذلك كله محو أمية الفرد ، فماذا نبتغى من شخص لا يفرق بين العكاز والألف ؟ ويقودنا هذا الحديث الى حكاية جبريل ، فهو قد نشأ منذ مولده فى أحد أقاليم السودان التى لا تختلف عن بقية اجزآئه من حيث التخلف المعيشى والفكرى ، ففى القرن العشرين الماضى فى السودان كان الناس يعيشون كالسآئمة التى يربونها للانتفاع من البانها ولحومها وجلودها ، وكان العمل يعتمد على الجهد اليدوى والعضلى ، وكان العمل المتيسر بسهولة هو الخدمة فى المنازل من غسيل وكى ملابس الأسرة وتنظيف الحجرات والمشاوير الى السوق لشرآء مستلزمات البيت اليومية ، وينجز الخادم اى عمل يكلف به ، ولا توجد ساعات محددة للعمل بل يمتد العمل من الصباح الباكر الى أول المسآء ، فهو عمل مستمر بلا هوآد، وكل ذلك نظير أجر زهيد أو زيآدة فى الأجر ولا توجد عطلات او فترة للراحة ولا ينجو الواحد منهم من الزجر أو التأنيب والأهانة فى بعض الأحيان ، وفى كل الأحوال لا ينظر اليه كأنسان لديه شعور واحساس وحقوق كبقية الناس ، واظن ان ذلك يرجع الى رواسب باقية من ممارسات الرق القديمة فى معاملة الرقيق . وكان القليل من سكان امدرمان هم الذين يستخدمون خدم المنازل فى منازلهم ، وهؤلآء كانوا من ضباط الجيش أو كبار الموظفين . كان جبريل ينتمى الى أحد اقاليم السودان الغربية التى يعتمد اهلها على الزراعة المطرية ، ويزرع الواحد منهم مساحة صغيرة يكفى حصادها من الذرة حتى الموسم القادم ، وحتى ذلك الحين فانه يقصد المدينة للعمل فى المنازل ، وكان يطلق على الواحد منهم لقب ( خدام ) . وكان جبريل يعمل لدى احد ك --- أكثر
↧