
*منذ غروب الشمس وحتى شروقها كنا بمطار القاهرة.. *والسبب أن طائرة سودانير لم تصل في مواعيدها (كالعادة).. *والتي وصلت عوضاً عنها أخرى أردنية مستأجرة.. *وربما كان هذا سبباً في انقاذ امرأة أُصيبت بأزمة تنفسية.. *فما أن صرخت صرخة واحدة حتى هب لنجدتها مساعد الطيار بنفسه.. *ثم تبعه طبيب يحمل جهاز التنفس الاصطناعي.. *ومن ورائه كبير المضيفين لتقديم يد المساعدة.. *وتخيلت لو أن هذه المرأة كانت في السودانية وليست الأردنية.. *ربما كان انطفاً نور عينيها وغمرهما الظلام.. *ولكن ليس هذا ما يهمنا الآن على أية حال.. *ما يهمنا أننا تدهورنا من (سفريات الشمس المشرقة) إلى (سفريات الظلمة المقلقة).. *ظلمة الحاضر والمستقبل والوعود و(المواعيد).. *بعد أن كانت سمعتنا تحلق في السماء باتت (تبلبط) في الأرض.. *بعد أن كنا نمتلك أسطولاً من الطائرات صرنا بلا طائرة الآن.. *وربما يصوبنا أحد مسؤولي سودانير - غاضباً- بأننا نمتلك واحدة.. *وإن فعل نقول له (ياخي مبروك عليكم وعلينا ، وربنا يحفظها، وتتربى في عزكم).. *وقبل أن نوغل في ظلمة ناقلنا الجوي يطرق على قلمنا أصبع التأريخ.. *يطرق عليه برفق لافتاً انتباهه إلى ظلمة أخرى تخص ناقلنا البحري.. *ويتجه بصر قلمنا شرقاً- صوب الثغر- ليُفاجأ بالسفينة الوحيدة (اللي حيلتنا) مظلمة.. *ونعرف أن (دهب) أطفأت أنوارها بعد افتقارها إلى الوقود.. *ثم قيل لطاقمها (خلوها مضلمة) لأن الشركة ذاتها ستغرق في الظلام.. *وستلحق (دهب) بأخواتها اللائي تم بيعهن واحدة إثر أخرى.. *ويبقى السودان الدولة الوحيدة في العالم التي لا تملك طائرة ولا باخرة.. *والدولة الوحيدة في العالم - كذلك- التي تدمن سياسة البيع في (الظلام).. *ويكفي حديث والي عاصمتها الشهير (الحتات كلها باعوها).. *فقد بيعت أراضٍ كثيرة - حسبما رشح- لمستثمرين أجانب وغابت في (الظلام).. *وبقي ناقلنا الحديدي دون بيع لأنه - ببساطة- لا يُشترى.. *ولكنه أضحى لا كبير فرق بينه --- أكثر