
غياب التخطيط يجعل كل شيء في بلادنا غير مستقر في مستواه.. نحن نعتمد على نظرية (الفزعة).. نستيقظ دائماً على رائحة الدخان بعد أن ينتشر الحريق فنستنفر طاقاتنا لإطفائه لكننا لا نعتمد مناهج الوقاية ومنع حدوث المشكلة من الأساس . لذلك لا تكاد تجد مستويات مستقرة للأداء في كافة المجالات.. لا نهايات قاطعة للمشاكل ولا ضمانات لاستمرار غياب المشكلة هنا أو هناك .. الملاريا اللعينة التي كانت في سنوات ماضية هي المسؤولة عن نسبة كبيرة من الوفيات في مناطق السودان المختلفة شاهدنا وشهدنا منذ عدة سنوات على نتائج ملموسة لبرنامج مكافحة الملاريا الوطني والمدعوم بشكل أساسي من منظمة الصحة العالمية . شهدنا على تراجع واضح لنسبة الإصابة بالملاريا في مواسمها السنوية.. شهدنا خريفاً أو خريفين في العاصمة والكثير من مدن السودان الموبوءة سابقاً بالملاريا كانت الأمور فيها تتحسن والملاريا متراجعة ومنسحبة .. لكن وبسبب غياب الحس الوقائي وسيطرة ذهنية الإطفاء على سلوك الدولة.. فقد اعتبرت الحكومة أنه لا حريق ولا نار تستحق أن توجه لها كل هذه الميزانيات الخارجية والداخلية لإطفائها.. وطالما أنه لا حريق مشتعل الآن إذن لا مشكلة.. فغابت حتى برامج التوعية الإعلامية.. واختفت الناموسيات وغرقت وزارة الصحة في النوم ملء جفونها حتى استيقظت الآن على رائحة الحريق.. لتجد البلد محاصرة من جديد بجيوش الملاريا التي عادت منذ العام الماضي تقريباً بخطة انتشار أوسع في البلاد وببرامج (تمكين) . حكومة الإطفاء ووزارة الصحة الإطفائية غير الوقائية والتي تباشر عملها وفق نظرية (الجفلن خلهن أقرع الواقفات) عادت تباشر عملية إطفاء الحريق الجديد التي تعني وجود خسائرة أكيدة بالطبع لأنها لم تستيقظ على صفارات إنذار بامكانية عودة الملاريا بل استيقظت متأخرة بعد أن خنق دخان الحريق أنفاسها.. وحدث ما حدث . عادت الملاريا.. السودانية القديمة وعدنا نتحدث عن الحمى التي تعتلي الدماغ وعادت وزارة الصحة تحدثنا عن إصابة --- أكثر