
الهمج الرِّعاع والراكوبة ++*** بسم الله الرحمن الرحيم لقد درجت في السنوات الأخيرة على نشر مقالات تحتوي خواطري عن الحياة، مشاركة ومشاورة ومحاورة، وبعضها نشرته في الرَّاكوبة، راجياً أن تصل لنطاق أوسع. وقلت لعلَّ جمع أبناء وبنات الوطن أن يثقبوا جدار الجهل المظلم ويحفروا كوَّة ضوء تُعيننا على رؤية الطريق وتهدينا بنورها في فوضي زماننا العبثيِّ. وقد جمعت الراكوبة، كرمزٍ سودانيٍّ حيث يستظلُّ النَّاس من هجير ظلم الوطن وهجير الغربة، شعوباً شتَّى من شعوب السودان، ودخلت بيوتهم كما يدخل الضيف لا يُردُّ ولكن، كما يُتوقَّع من المُضيف حسن الضيافة، يُتوقَّع منه حسن الخلق. ونحن نجد أنَّه لا يجمع مجلساً أهل السودان، إن كانوا بوطنهم أو بغربة بالغةٍ، إلا وتفاخروا على النَّاس وبين أنفسهم بمزاياهم، كأنَّهم المثال والنموذج لما يجب أن يكون عليه الإنسان. ومنهم العالم الرَّباني والمتعلِّم على سبيل نجاة ولكنَّ أكثرهم همجٌ رعاع أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ، يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ، لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيق، كما قال الإمام عليّ بن أبي طالب كرَّم الله وجهه، وهم من يسودون المجالس ويعلو صوتهم في المجالس يظنُّون في أنفسهم خيراً، وفي ظنِّهم ورأيهم علماً، لا يفرِّقون بين النصيحة والفضيحة، وبين الصراحة والوقاحة، وبين الحريَّة والفوضى، وبين الرأي والسباب. فيضعون أنفسهم فوق البريَّة علماً وحكمةً، يوزِّعون الأحكام على النَّاس يبخسون النَّاس أشياءهم، وهم يتلون القرآن الكريم: "وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُم"، والبَخْسُ من الظلم أَنْ تَبْخَسَ أَخاك حَقَّه فتنقصه. ويقرءون أحاديث المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم: "إن المؤمنَ ليسَ باللعَّانِ ولا الطعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البذيء"، فلا يفقهون شيئاً لا يتعلَّمون ولا يعتبرون. فمن وصفني بأنِّي أكذب فقد فضَّل نفسه عليَّ ونقصني حقِّي. وهذا ما يُعرف بتزكية --- أكثر