
*( ونحن من منفى إلى منفى ومن باب لباب نذوي كما تذوي الزنابق في التراب غرباء يا وطني نموت وقطارنا دوما يفوت..). - عبد الوهاب البياتي - .. قد تشي محتويات الحقيبة بتوجّهات صاحبها، لكنّ عدم وجود سجّادة صلاة مثلاً، لا يعني أنّ صاحبها غير متديّن، كما أنّ بعض الهدايا والمقتنيات لا تعبّر بالضرورة عن أهواء حاملها… فالديك يعلن الفجر ولا يصلّيه . بعض الحقائب مضلّلة لرجال الأمن والجمارك كتلك النكتة التي تتحدّث عن واحد يدخل معبراً حدوديّاً على ظهر دبّابة ويفتّش الحرس في خاصرته للتأكّد من أنّه لا يحمل مسدّسا. حقيبة المهرّب تهتمّ بكلّ ما خفّ حمله وغلا ثمنه، كيس اللص "المبتدئ ": يحوي أشياء لا يجمعها أيّ رابط غير ما وقع عليه نظره وامتدّت له يده، أمتعة النازح والمهجّر: تضمّ أسمك الثياب والذكريات، شنطة المثقّف تضيع في المحطّات والمطارات والمقاهي، لكنهم يعيدونها إليه في كلّ مرّة … إنها في منأى عن عيون اللصوص ومطامعهم، مثل أكياس مروّضي الأفاعي وأهل الكدية وعاملات التنظيف ..أمّا حقائب العشّاق فتعرف لدى رجال الجمارك بأنّها عديمة الفائدة وتافهة المحتويات رغم حميميتها ودفئها لدى أصحابها. لكنّ الذين لا يحملون حقائب هم محيّرون دائماً ومثيرون للريبة والشكّ، مثل النكتة الفرنسيّة التي تتحدّث عن سائق تاكسي وقف مذهولاً أمام فتاة شبه عارية تطلب منه إيصالها إلى وجهتها، ظنّت الفتاة أنّه معجب بقوامها، لكنّه سألها في حيرة: بربّك، أين تضعين محفظة النقود؟!. قال ذلك ليطمئنّ قلبه ويضمن الأجرة، إذ لا وقت لديه للاهتمام بأهوائه الذكوريّة والغريزيّة… وكذلك تفعل كاميرات المراقبة والكلاب المدرّبة على اشتمام الثياب في مطارات العالم… ولكن، من يراقب ما تحتويه الرؤوس والنفوس… ويشتمّ نسائم ربيع يختبئ في صقيع الشتاء؟ كيف السبيل إلى معرفة ما خطّ وخطّط له تحت شعر رأس "المملوك جابر" في مسرحية سعد الله ونوس و --- أكثر